العدوى الانتهازية ...حقائق لم تكن تعرفها من قبل

محتويات المقال

نسمع كثيرا عن الميكروبات النافعة في جسم الإنسان ولكن كثيرا منّا لم يعرف أنها في وقت ما قد تصبح ضارة وبشراسة. هذه الحالة تسمى العدوى الانتهازية.

ما معني العدوى الانتهازية؟

العدوى الانتهازية هي العدوى المتكررة، والتي تستمر لفترات أطول، وأعراضها أكثر حدة في الأشخاص الذين لديهم ضعف الجهاز المناعي مقارنة بالأشخاص الذين لديهم مناعة طبيعية. وقد تصيبهم بأمراض لا تصيب من لديهم مناعة طبيعية.

تحدث العدوى الانتهازية بواسطة بعض أنواع البكتيريا، والفيروسات، والفطريات، والطفيليات، منها مايعيش في جسم الإنسان ومنها مايعيش في البيئة المحيطة.

أسباب العدوى الانتهازية

لا تحدث العدوى الانتهازية إلا في حالة نقص المناعة حيث تزداد فرصة انتشار أي ميكروب مهما كان ضعفه بسبب قلة مقاومة الجسم له. هناك سببان:

نقص المناعة الأَوليّ

وذلك بسبب العامل الوراثي حيث يولد الطفل حديث الولادة بمناعة ضعيفة تعرّضه لخطر الإصابة بالكثير من الميكروبات والتي قد تكون مُميتة إذا لم يتم اكتشاف ذلك فور ولادته ويتم التعامل معه بالشكل الصحيح حيث يتم وضع الطفل في الحضانة داخل فقاعة بلاستيكية وتسمي هذه الحالة الطفل الفقاعة.

نقص المناعة المكتسَب

حيث يكون الإنسان ذو مناعة طبيعية إلى أن يتعرض لإحدى العوامل الآتية :

سوء التغذية.
مرض السكرى.
التدخين وإدمان الكحوليات.
العلاج بالكورتيزونات لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر.
العلاج الكيميائي لمرضى السرطان.
مرضى سرطان الدم .
تلقي أدوية تثبيط الجهاز المناعي لمرضى زراعة الأعضاء.
تلقي أدوية تثبيط الجهاز المناعي لمرضي المناعة الذاتية.
الإصابة بمتلازمة فيروس نقص المناعة HIV/ AIDS

العدوى الانتهازية وHIV

فيروس نقص المناعة في الإنسانHIV من أكثر الأسباب شيوعاً للإصابة بالعدوى الانتهازية المختلفة.

فيروس نقص المناعة يصيب الإنسان الطبيعي عن طريق الدم والاتصال الجنسي وهذا يعني أن الاختلاط مع المصابين لا يسبب العدوى.لا يسبب أعراضاً ملحوظة عند الإصابة به وهنا تكمن الخطورة حيث يتكاثر الفيروس وينتشر مسبباً نقصاً شديداً في الجهاز المناعي على المدى البعيد.

لحُسن الحظ، أصبح هناك العديد من الأدوية التي تسيطر على هذا الفيروس والتي تحد من انتشاره وتجعل المصابين بفيروس نقص المناعة يحيون بمناعة قوية تقاوم الأمراض المختلفة مثل غيرهم.

لكن هناك بعض الأسباب التي تجعل الفيروس يتمكن من تدمير الجهاز المناعي ويصبح المريض بفيروس نقص المناعة معرّضأ للإصابة بالعدوى الانتهازية:

إذا كان المريض بالفيروس لايعلم أنه مصاب بفيروس نقص المناعة.
إذا كان المريض يعلم أنه مصاب ولم يتلقى العلاج.
إذا كان يتلقى العلاج ولكنه لايسيطر على الفيروس.

فيروس نقص المناعة والحمل

يمكن لفيروس نقص المناعة أن ينتقل من الأم الحامل إلى الجنين. يجب تلقي علاج فيروس نقص المناعة خلال فترة الحمل كاملة حتى الولادة من أجل سلامة الأم وحماية الجنين .

بعض أدوية علاج فيروس نقص المناعة آمنة على الجنين ولا تسبب تشوهات الأجنة وهي تعتبر وقاية للجنين من خطر انتقال الفيروس من الأم أثناء فترة الولادة، حيث ينتقل الدواء عبر المشيمة من الأم إلى الجنين.

إهمال علاج فيروس نقص المناعة وعدم متابعته بشكل دوري يؤدي إلى تدمير الجهاز المناعي والوصول لمرحلة متلازمة ضعف المناعة المكتسب أو مايُسمى ب(الإيدز) AIDS. هذه المرحلة هي التي يتعرض فيها مرضَى فيروس HIV للعدوى الانتهازية.

أمثلة العدوى الانتهازية

هناك العديد من الكائنات الدقيقة الانتهازية سنذكر منها الأنواع الأكثر شيوعا ً:

السُل أو الدرَن(tuberculosis)

مرض السل كعدوَى انتهازية يُعد من الأسباب الرئيسية التي تسبب الالتهاب الرئوي لمرضَى الإيدز.

بكتيريا T.B هي المسببة لمرض الدرَن،تظل حية خارج جسم الإنسان لفترات طويلة، تتحمل الظروف البيئية المختلفة في انتظار عدوى جديدة، تنتقل العدوَى عبر الهواء المحمّل بالبكتيريا من رذاذ الشخص المصاب أثناء السعال، أو العطس، أو البصق حتى يستقر في الرئة.

بكتيريا T.B يمكن أن تصيب إنساناً ذي مناعة طبيعية ويتم القضاء على الميكروب،

أو يظل الميكروب خاملاً داخل الجسم شهوراً وسنوات ، ولا يكون معْدياً إلا إذا كان نشطاً حيث تظهر الأعراض ويسعل المريض.

بكتيريا السُل أوالدرَن من الكائنات الدقيقة التي تُظهر مقاومة ضد طيف واسع من المضادات الحيوية، ولكن مع المناعة السليمة واتّباع أنظمة العلاج المعتمَدة للفترة المقررة والتي تمتد لستة أشهر يتم القضاء عليه في معظم الأحيان.

مضاعفات العدوى الانتهازية ببكتيريا T.B :للأسف في مرضَى نقص المناعة، الميكروب لا يستقر في الرئة فقط بل ينتشر من خلال الأوعية الدموية والليمفاوية إلى جميع أعضاء الجسم فيسبب :

التهاب الأغشية السحائية.

فشل وظائف الكبد والكُلى.

فشل القلب.

التهاب المفاصل.

ومع ذلك يمكن علاجه والوقاية منه بشرط اتباع التعليمات أثناء فترة تلقي العلاج حيث تطول مُدته ويمكن استخدام أكثر من عقار من الآتي:

Isoniazid
Rifampcin
Ethambutol
pyrazinamide

تقول منظمة الصحة العالمية أن ربع سكان العالم مصاب ببكتيريا السل الخامل،

(5-15)% منهم يتحول عندهم الميكروب من خامل إلى نشط وهم الأشخاص الذين لديهم نقص بالمناعة مثل مرضى فيروس نقص المناعة ، ومرضى السكري، ومرضى سوء التغذية، والمدخنين.

داء المبيضات (candidiasis)

داء المبيضات من أمثلة العدوى الانتهازية، يسببه فطر الكانديدا الذي يتواجد بكميات قليلة غير ضارّة في الفم، والأمعاء الدقيقة، وعلى الجلد ويعتبر السبب الشائع للعدوَى الفطرية في الإنسان.

تقوم البكتيريا النافعة في جسم الإنسان بالحفاظ على مستوى هذا الفطر منخفضاً، ولكن إذا قل نشاط هذه البكتيريا النافعة أو قلّت المناعة يتم تكاثرهذا الفطرمسبباً عدوَى انتهازية .

يسبب عدوَى الفم الفطرية في الأطفال حديثي الولادة وكبار السن والتي تبدو كنقط بيضاء تغطي تجويف الفم بالكامل حتى الحلق، وفي أسوأ الحالات قد يمتد إلى المرىء ويسبب آلاماً وصعوبة في البلع.

يسبب أيضاً عدوى فطرية بالقدم والأظافر وخصوصاً الرياضيين.

يسبب عدوى المهبل الفطرية في الإناث.

نادراً ما يسبب عدوى الجهاز التناسلي للرجال.

يسبب عدوى بالمسالك البولية في كبارالسن ومرضى نقص الجهاز المناعي.

الأسباب التي تؤدي إلى زيادة تكاثر فطر الكانديدا:

نقص المناعة.

استخدام المضادات الحيوية بكثرة والتي تؤثر على نمو البكتيريا النافعة.
الوجبات التي تحتوي على سكر عالي ونشويات.
إدمان الكحول.
حبوب منع الحمل.
مرض السكري والضغط العصبي.

الفيروس المضخم للخلايا(cytomegalovirus)

هو فيروس من مجموعة الهربس والذي يسبب عدوى انتهازية في حالات نقص المناعة. لا يستطيع أن يعيش خارج جسم الإنسان، لذلك إذا دخل جسم الإنسان فإن الجسم يحتفظ به مدى الحياة.

أعراض الإصابة بالفيروس المضخم للخلايا بسيطة في المصابين أصحاب المناعة الطبيعية:ارتفاع بسيط في درجة الحرارة- إجهاد- التهاب الحلق- ألم بالعضلات.

ينتشر الفيروس في جميع سوائل الجسم، يظل كامناً داخل الجسم وينشط من وقت لآخرمسبباً أعراضاً خفيفة حينها يكون منتشراً في جميع سوائل الجسم مثل : اللُعاب، والمخاط، والسائل المنوي، والسائل المهبلي، والبول، ولبن الأم، والدموع.

تنتقل العدوى عن طريق سوائل الجسم والدم المحملة بالفيروس إذا لامست الأنف أو الفم .

يمكن أن نقول أن الفيروس المضخم للخلايا لا يمثل خطرًإلا في الحالات الآتية:

في حالة انتقاله من الأم إلى الجنين.

معظم المواليد لا يظهرون أعراضاً ولكن 20% تقريباً يظهر عليهم أعراضاً مثل فقْد حاستي السمع والإبصار مما يؤدي صعوبات التعلم والإدراك، وصعوبة التحكم في العضلات ، والتشنجات.

المرضى المصابون بفيروس نقص المناعة حيث يصبح فيروسCMV سبباً للعدوى الانتهازية نتيجة نقص المناعة.

مرضى زراعة الأعضاء حيث أنهم يتلقون علاجاً يثبط المناعة لمنع رفض العضو المزروع .فإذا كان مصاباً بفيروسCMV الكامن يمكن الوقاية منه في هذه الظروف بتلقي علاجاً مضاداً للفيروسات للحد من انتشار الفيروس.

الذين يتلقون علاجاً بالكورتيزونات لمدة ثلاثة أشهر ولديهم فيروس CMV كامن فيخرج من كمونه في هذه الظروف ويمثل خطراً شديداً.

مضاعفات الإصابة بالفيروس المضخم للخلايا :

التهاب الجهاز الهضمي.

التهاب بخلايا الرئة.

التهاب بخلايا الكبد.

التهاب بخلايا المخ.

التهاب بالعين قد يؤدي إلى فقد حاسة الإبصار.

التهاب السحايا بالمكورات الخفية (cryptococcal meningitis)

هو فطر يوجد في التربة وفضلات الطيور، استنشاقه يسبب عدوى التهاب الاغشية السحائية المحيطة بالمخ والنخاع الشوكي. يتم علاجه بمضادات الفطريات :

Amphotericin
Flucytosine
itraconazole
Fluconazole

داء خفيات الأبواغ (cryptosporidiosis)

هي إحدى الطفيليات التي تعيش في أمعاء الإنسان والحيوان. تناول الطعام

أو الشراب الملوث بالطفيليات يسبب إسهالاً شديداً، يمكن علاجه بعقار nitazoxanide.

الهربس البسيط (herpes simplex)

هو فيروس من مجموعة الهربس يسبب قرح الفم والشفاة والأعضاء التناسلية، لا يوجد دواء للتخلص من الفيروس. يمكن أن يسبب التهاب الدماغ.

التهاب رئوي بالمتكيسة الجؤجؤية(pneumocystis pneumonia)

هو فطر مميت إذا لم يتم اكتشافه وعلاجه مبكراً،ينتشر في الهواء ويسبب التهاباً رئوياً ويمكن أن يصيب العقد الليمفاوية والكبد والنخاع.

التيفود (salmonella septicemia)

بكتيريا تصيب الأمعاء.تنتقل العدوى عن طريق الطعام والشراب الملوث بالبراز. تسبب تسمم الدم ويمكن علاجها بالمضادات الحيوية المناسبة.

داء المقوسات أو داء القطط (toxoplasmosis)

هي طفيليات توجد في براز القطط، وتنتقل العدوى عن طريق الطعام الملوث بالبراز. يحدث ارتفاع في درجة الحرارة- تضخم الغدد الليمفاوية بالرقبة-التهاب بالحلق- صداع- ألم بالعضلات، ويمكن أن يصيب المخ والرئة والعين .

معقد المتفطرات الطيرية(mycobacterium avium complex)

هي مجموعة من البكتيريا المنتشرة في الهواء والتراب والطعام، لا تسبب أمراضاَ في حالة المناعة الطبيعية ولكن يمكن أن تحدث عدوى انتهازية موضعية في حالة نقص المناعة مثل إصابة الرئة، الأمعاء، والعظام.

داء الأسطوانيات(strongyloidiasis)

هو نوع من الديدان الأسطوانية التي تعيش في التربة.تخترق الدودة الجلد وتسير في مجرى الدم إلى القلب ثم الرئة ومنها إلى مجرى الهواء ثم الفم حيث يتم ابتلاع الدودة في المعدة ومنها إلى الأمعاء حيث وضع البيض وإخراج اليرقات في البراز.

تختلف هذه الديدان عن غيرها بأنها تسبب عدوى انتهازية، حيث أنها في ظروف المناعة الطبيعية تسبب أعراضاً خفيفة مثل السعال، والترجيع، والإمساك أو الإسهال، والحكة في منطقة الشرج، ويمكن علاجه بعقارivermectin.

لكن في مرضى نقص المناعة تنتشر الديدان في الدم بشراسة فتسبب التهابات خطيرة في الجهاز العصبي والرئة.

العدوى الانتهازية وكورونا

هل فيروس كورونا المستجد covid- 19 يُعد من الفيروسات المسببة لنقص المناعة؟

لا يمكن تجاهل هذا الأمر حتى ولو كان ذلك بشكل مؤقت، حيث أظهرت النتائج المعملية لصور دم المرضى المصابين بفيروس كورونا انخفاضاً في عدد ونسبة الخلايا الليمفاوية (lymphocytes) في الدم والتي تعتبر جزءاً مهماً من الجهاز المناعي لمقاومة الميكروبات وخصوصاً الفيروسات.

تم ملاحظة أيضاً عدوى ثانوية بميكروبات أخري في المصابين بالمستشفيات. وإصابة بعض الأعضاء الحيوية بالخلل.

لم تُظهر الدراسات السريرية والمعملية حقيقة ذلك حتى الآن، لكن لايمكن أن نتجاهل هذا الأمر.